قوله جلّ ذكره: {وَيَنصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً}.لا ذُلَّ فيه، وتكون غالباً لا يَغْلِبُكَ أحَدٌ:ويقال: ينصرك على هواك ونَفْسِك، وينصرك بحُسْنِ خُلُقِك ومقاساةِ الأذى من قومك.ويقال نصراً عزيزاً: مُعِزَّاً لك ولمن آمن بك.وهكذا اشتملت هذه الآية على وجوهٍ من الأفضال أكْرَمَ بها نبيَّه- صلى الله عليه وسلم- وخصَّه بها من الفتح والظَّفَرِ على النَّفْس والعدو، وتيسير ما انغلق على غيره، والمغفرة، وإتمام النعمة والهداية والنصرة.. ولكلٍّ من هذه الأشياء خصائصُ عظيمةٌ.قوله جلّ ذكره: {هُوَ الَّذِى أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِى قُلُوبِ الْمُؤمِنِينَ} السكينةُ ما يسكن إليه القلبُ من البصائر والحُجَج، فيرتقي القلبُ بوجودِها عن حدِّ الفكرة إلى رَوْحِ اليقين وثَلَج الفؤاد، فتصير العلومُ ضروريةٌ , وهذا للخواصَّ.فأمّا عوامُّ المسلمين فالمرادُ منها: السكون والطمأنينة ُواليقين.ويقال: من أوصافِ القلب في اليقين المعارف والبصائر والسكينة.وفي التفاسير: السكينة ريح هفَّافة. وقالوا: لها وجهٌ كوجه الإنسان. وقيل لها جناحان.{لِيَزْدَادُواْ إِيَماناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ}.أي يقيناً مع يقينهم وسكوناً مع سكونهم. تطلع أقمارُ عين اليقين على نجوم علم اليقين، ثم تطلع شمسُ حقِّ اليقين على بَدْرِ عين اليقين.{وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً}.{جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} وقيل: هي جميع القلوب الدالَّةِ على وحدانية الله.ويقال: مُلْكُ السمواتِ والأَرضِ وما به من قوىً تقهر أعداءَ اللَّهِ.ويقال: هم أنصارُ دينه.ويقال: ما سلَّطه الحقُّ على شيءٍ فهو من جنوده، سواء سلَّطَه على ولِّيه في الشدة والرخاء، أو سلَّطَه على عدوِّه في الراحة والبلاء.